وقفة مهمة من قصة الثلاثة الذين خُلّفوا !

بسم الله الرحمن الرحيم 

هذه قصة معروفة لكن فيها لفتة مهمة جداً أرجو تأملها جيداً:

تخلّف ثلاثة من خيار الصحابة عن غزوة تبوك، وفي الميزان العسكري لن يؤثر تخلف ثلاثة في جيش عظيم كجيش المسلمين الذي خرج إلى تبوك، خاصة وأن منهم من هو كبير في السن، ومع ذلك هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع إلى المدينة وأمر الناس بهجرهم خمسين يوماً.

ومن هؤلاء الثلاثة اثنان من أهل بدر الذين هم من أفضل الصحابة إن لم يكونوا أفضلهم على الإطلاق، ولك أن تتخيل من هو بهذه المنزلة من كِبر السن، والبذل للإسلام، والسابقة بالخير، ثم يهجره النبي ويأمر الناس بهجره خمسين يوما!

ولو قارنّا هذا بحالنا اليوم: لوجدنا أن كثيرا من أهل الخير يكاد يُنزه أناسا من أهل السابقة في العلم أو الدعوة أو البذل عن الخطأ المتعمد الفادح تجاه قضايا الأمة ونصرتها، ولايتصور في نفسه أن من له سابقة في مجال علمي أو دعوي أو جهادي قد يقف موقف خذلان يستحق الذم الشديد عليه (بل والهجر) كما فعل النبي مع هؤلاء الذين هم من خيار الصحابة وقاطعهم المسلمون، حتى نزلت توبتهم.

والفرق بين هؤلاء الصحابة الخيار وبين غيرهم أنهم اعترفوا بذنبهم، وتقصيرهم، وبكوا على خطيئتهم،
حتى أنزل الله في حقهم قرانا يتلى إلى يوم القيامة بقبول  توبتهم
 “وعلى الثلاثة الذين خُلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم
وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا” وكما أن مناَ من يعترف بتقصيره أيضاً ويستغفر الله من ذنبه ، إلا أن من أهل زماننا من لايرى عليه واجباً تجاه قضايا أمته، ومن ثم فلا يعترف بخذلانه ولا بذنبه.

مع أنه ليس فينا من قدم شيئا للإسلام مثل ما قدمه أهل بدر! ثم السؤال: هل مواقفنا في النصرة والخذلان أشد من فِعل الثلاثة أم أخف؟!!!

و بعد كل هذا : فكفى تمجيداً لأناس تمرغوا حتى الثمالة في أوحال الخذلان الواضح البين لقضايا الأمة، مع إصرارهم على ذلك. 

فكيف وقد جمع بعضهم مع الخذلان وعدم الاعتراف بالخطأ: المحادة للقائمين بالحق؟! 

فماذا لو كان هؤلاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟! هل سيكتفي بهجرانهم؟ الله أعلم لكن العمل  سيء جدا.

إن المنزلة عند الله بالثبات والعمل لا بالألقاب وقول الجماهير.

Share

اترك تعليقاً