نقض شبهة الاستدلال بحديث النهي عن كتابة الحديث على عدم حجية السنة

بسم الله الرحمن الرحيم 

الذين يستدلون بحديث النهي عن كتابة السنّة على نفي حُجيتها يقعون في الاضطراب والتناقض وسوء الاستدلال من أربعة وجوه: 

الوجه الأول: أنهم يستدلون بالسنة التي لا يرونها حُجة على عدم حجيتها.
الوجه الثاني: أنّ الذي جاء عنه النهى عن كتابة الحديث (صلى الله عليه وسلم) هو الذي أمر بحفظه وتبليغه ونهى عن رده، والأسانيد في ذلك صحيحة بل أصح من حديث النهي عن الكتابة؛ فلماذا الانتقائية؟ أفيؤمنون من الحديث بما يوافق أهواءهم، وما لا ؛ يردّونه؟!
الوجه الثالث: أنه كما جاء حديث في النهي عن الكتابة فقد جاءت أحاديث متعددة في الرخصة بها، فعلى أي أساس يقوم المُنكرون للسنة باختيار حديث النهي وإلغاء أحاديث الرخصة؟
الوجه الرابع: أن هناك فجوة في الاستدلال بالنهي عن الكتابة على عدم الحجية! فالصواب في الاستدلال بالنهي عن الكتابة ألاّ يُتَجاوَز به مورد النص، وهو الكتابة، لا الحُجيّة؛ إذِ النص لا إشارة فيه للحجية من قريب ولا من بعيد، بل جاء في حديث النهي عن الكتابة نفسِه قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وحدثوا عني)

وبعد ذلك كُلّه من المُمكن أن نذكر وجه الجمع بين النص الذي فيه النهي عن الكتابة وبين النصوص الأخرى التي فيها الرخصة بالكتابة، وللعلماء في ذلك مسالك متعددة، يذكرونها في كتبهم، ولا يكاد يجهلها أحد قرأ شيئا في شروح الحديث. ويطول الكلام بذِكرها.
ومن المراجع المفيدة في ذلك: كتاب دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للأعظمي. وكتاب الأنوار الكاشفة للمعلمي.

ملاحظة: لم أقل: (الجمع بين حديث النهي عن الكتابة وبين النصوص الكثيرة الأخرى في حجية السنة) لأنه لا تعارض أصلا بين النهي عن الكتابة وبين الحجية، وإنما الذي يُمكن أن يكون فيه تعارض (في الظاهر) : نصُّ النهي مع نصوص الرخصة في الكتابة .

 
Share

اترك تعليقاً