فوائد من نزهة النظر لابن حجر

ملاحظة: ت = تعليق.
—–(1)—–
– كتاب نزهة النظر كتبه ابن حجر شرحا لكتابه المختصر (نخبة الفكر) ، وكتاب 
النزهة حجمه لطيف ، وغني بالفوائد وفيه تحقيقات نافعة.
– ابتدأ بموضوع أقسام ورود الخبر إلينا من حيث طرقه: هل هي محصورة بعدد معين فهو الاحاد أم غير محصورة بعدد معين بل تكون العادة قد أحالت تواطؤهم على الكذب فهو المتواتر.
– فصّل في موضوع المتواتر وما يتعلق به ومايفيده من علم ضروري أو نظري.
– تكلم عن المشهور والمستفيض والخلاف في التفريق بينهما ثم قال (وليس من 
مباحث هذا الفن)
– يقول إن خبر الاحاد يقال له- اصطلاحا-كذلك : خبر الواحد. ولو كان من رواه 
أكثر من واحد.
 — (2) — 
– رجح ابن حجر أن من الاحاد ما قد يفيد العلم النظري بالقرائن. (ت/وهذا خلاف 
لِما اشتهر عند كثير من الأصوليين من أن الاحاد لا تفيد إلا الظن)
– ثم ذكر ثلاثة انواع من القرائن التي تحتف بالاحاد لتجعله يفيد العلم : 
الأولى / ما أخرجه الشيخان ، مما لم ينقده أحد الحفاظ، ومما لم يقع التجاذب بين 
مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح.
وذكر أن ممن صرح بإفادة ما أخرجه الشيخان العلم النظري : أبو إسحاق 
الإسفراييني، ومن أئمة الحديث ابو عبدالله الحميدي وابو 
الفضل بن طاهر وغيرهما.
القرينة الثانية / أن يكون الاحاد من المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من 
ضعف الرواة والعلل.
وذكر أن ممن صرح بإفادته العلم النظري أبومنصور البغدادي وابو بكر بن فُورك.
القرينة الثالثة / الحديث المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين إذا لم يكن غريبا.
– ثم ذكر كلاما مهما حيث قال (وهذه الأنولاع التي ذكرناها (ت/أي القرائن الثلاث) 
لا يحصل العلم بصدق الخبر منها إلا للعالم المتبحر فيه العارف بأحوال الرواة المطلع على العلل).
—-(3)—-
– (الفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي)
– حديث المستور إذا تعددت طرقه يكون حسنا بالاعتضاد.
– في موضوع زيادة الثقة قال ( واشتُهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل ، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه… والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين ….. اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة، ولا يُعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة)
—(4)—
– المتابعة إن حصلت للراوي نفسه فهي التامة، وإن حصلت لشيخه فمن فوقه فهي القاصرة، وإن وجد متن يروى من حديث صحابي آخر يشبهه في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط فهو الشاهد.. وقد تُطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس والأمر فيه سهل.
– تتبع الطرق من الجوامع والمسانيد والأجزاء للحديث الذي يُظن أنه فرد ليُعلم هل له متابع أم لا = هو الاعتبار.
— (5)—

– الحديث المقبول إن سلم من المعارضة فهو المحكم، وإن عورض بمثله وأمكن الجمع بلا تعسف وهو مختلَف الحديث وصنف فيه الشافعي وابن قتيبة والطحاوي وغيرهم.
فإن لم يُمكن الجمع وعُرف التاريخ وثبت المتأخر فهو الناسخ. 
فإن لم يُعرف التاريخ وأمكن الترجيح بينهما بوجوه الترجيح المتعلقة بالمتن أوبالإسناد تعين المصير إليه، وإن لم يُمكن فالتوقف.
والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط لأن خفاء الترجيح إنما هو بالنسبة للمعتبِر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه.

فالخلاصة أن يُبدأ بالجمع فاعتبار الناسخ والمنسوخ فالترجيح ثم التوقف.

—(6)—
– من صور المعلّق أن يحذف (المصنف) من حدّثه ويضيفه إلى من فوقه فإن كان من فوقه شيخاً لذلك المصنف فقد اختلُف فيه هل يُسمى تعليقا أو لا؟
والصحيح في هذا التفصيل: فإن عُرف بالنص أو الاستقراء أن فاعل ذلك مدلس قضى به وإلا فتعليق.

– الفرق بين المدلّس والمرسل الخفي/ أن التدليس يختص بمن روى عمن عُرف لقؤه إياه فأما إن عاصره ولم يُعرف أنه لقيهفهو المرسل الخفي.
– ورد على من جعل رواية المعاصر عمن عاصره ولم يلقه من قبيل التدليس بأن رواية المخضرمين كأبي عثمان النهدي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل الإرسال لا من قبيل التدليس.
– قال : (وممن قال باشتراط اللقاء في التدليس الإمام الشافعي وابو بكر البزار وكلام الخطيب في الكفاية يقتضيه) 

—-(7)—-
ذكر الطعن في الحديث بسبب كذب الرواي ثم قال

( والحكم عليه بالوضع إنما هو بطريق الظن الغالب لا بالقطع ، إذ قد يصدق الكذوب ، لكـن لأهل العلم بالحديث ملكة قوية يميزون بها بين ذلك ، وإنما يقوم بذلك منهم من       يكون إطلاعه تاما ،  وذهنه ثاقبا ، وفهمه قويا ، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة). 
– ما الحامل على الوضع؟

قال:( والحامل للواضع على الوضع :
إما عدم الدين ؛ كالزنادقة .
أو غلبة الجهل ؛ كبعض المتعبدين .
أو فرط العصبية ؛ كبعض المقلدين .
أو اتباع هوى بعض الرؤساء .
أو الإغراب لقصد الاشتهار !
وكل ذلك حرام بإجماع من يعتد به ، إلا أن بعض الكرامية وبعض المتصوفة نقل عنهم إباحة الوضع في الترغيب والترهيب والترتيب ، وهو خطأ من فاعله ، نشأ عن جهل ؛ لأن الترغيب والترهيب من جملة الأحكام الشرعية ). 

– هل يجوز رواية الحديث الموضوع؟
قال رحمه الله: ((واتفقوا على تحريم رواية الموضوع إلا مقرونا ببيانه ؛ لقوله () : من حدث عني بحديث يرى أنه كذب ؛ فهو أحد الكاذبين ، أخرجه مسلم )

—(8)—
– كيف تُكتشف علة الحديث؟ ومن الذي عنده ملكة اكتشافها؟

قال رحمه الله (وتحصل معرفة ذلك بكثرة التتبع ، وجمع الطرق ؛ فـهذا هو المعلل ، وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها ، ولا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهما ثاقبا ، وحفظا واسعا ، ومعرفة تامة بمراتب الرواة ، وملكة قوية بالأسانيد والمتون ، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن ؛ كعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، ويعقوب بن شيبة ، وأبي حاتم ، وأبي زرعة ، والدارقطني ).

– ذكر الاضطراب وفصل فيه، ومن فوائده قوله ( قلّ أن يحكم المحدث على الحديث بالاضطراب بالنسبة إلى الاختلاف في المتن دون الإسناد)

– ما حكم اختصار الحديث وما حكم روايته بالمعنى؟
قال رحمه الله ( أما اختصار الحديث ؛ فالأكثرون على جوازه بشرط أن يكون الذي يختصره عالما ؛ لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما لا تعلق له بما يبقيه منه ؛ بحيث لا تختلف الدلالة ، ولا يختل البيان ، حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين ، أو يدل ما ذكره على ما حذفه ؛ بخلاف الجاهل ، فإنه قد ينقص ما له تعلق ؛ كترك الاستثناء 
وأما الراوية بالمعنى ؛ فالخلاف فيها شهير ، والأكثر على الجواز أيضا ، ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به ، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى ؛ فجوازه باللغة العربية أولى ) ثم ذكر أقوالاً أخرى وأتبعها بقوله :
(وجميع ما تقدم يتعلق بالجواز وعدمه ، ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه)

—(9)—-

– تكلم على أن تعديل الرواي لشيخه مع إبهامه له لا يُقبل وذكر أنه لهذا السبب لم يُقبل الحديث المرسل، فقال
(وكذا لا يقبل خبره ، و لو أبهم بلفظ التعديل ؛ كأن يقول الراوي 
عنـه :  أخبرني الثقة ؛ لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحا عند غيره ، وهذا على الأصح 
في المسألة .ولهذه النكتة لم يقبل المرسل ، ولو أرسله العدل جازما به لهذا الاحتمال بعينه ) 
 ثم ذكر أن الرواي إذا سُمي ولكن لم يرو عنه سوى واحد فإنه مجهول العين ( إلا أن يوثقه غير من ينفرد عنه على الأصح ، وكذا من ينفرد عنه على الأصح إذا كان متأهلا لذلك) وذكر أن مجهول الحال هو من روى عنه اثنان ولم يوثق وهو مستور الحال (وقد قبل روايته جماعة بغير قيد ، وردها الجمهور .
والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها ، بل يقال هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين) ..

—(10)—
ذكر حكم رواية المبتدع وأنها على قسمين من حيث البدعة ووصولها إلى الكفر أو عدمه، وضيّق القول في تكفير المبتدعة ثم تكلم عن البدع التي لا تصل إلى الكفر فقال (وقيل : يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته ؛ لأن تزيين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه ، وهذا في الأصح .
وأغرب ابن حبان ، فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل .

نعم ؛ الأكثر على قبول غير الداعية ؛ إلا إن روى ما يقوي بدعته ، فيرد على المذهب المختار ، وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود، والنسائي في كتابه معرفة الرجال ، فقال في وصف الرواة : ومنهم زائغ عن الحق أي : عن السنة صادق اللهجة ، فليس فيه حيلة ؛ إلا أن يؤخذ من حديثه غير ما لا يكون منكرا إذا لم يقو به بدعته اهـ .)

ذكر أن سيء الحفظ والمختلط الذي لم يتميز والمستور والإسناد المرسل والمدلس إذا توبع بمعتبر فوقه أو مثله لا دونه صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع، ثم نبّه قائلاً “ومع ارتقائه إلى درجة القبول ؛ فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته ، وربما توقف بعضهم عن إطلاق اسم الحسن عليه “

ذكر أنواع المرفوع تصريحا أو حُكماً وذكر منها المرفوع من التقرير حُكما فقال ( ومثال المرفوع من التقرير حكما : أن يخبر الصحابي أنهم كانوا يفعلون في زمان النبي (صلى الله عليه وسلم) كذا ؛ فإنه يكون له حكم الرفع من جهة أن الظاهر هو اطلاعه (صلى الله عليه وسلم) على ذلك لتوفر دواعيهم على سؤاله عن أمور دينهم ، ولأن ذلك الزمان زمان نزول الوحي فلا يقع من الصحابة فعل شيء ويستمرون عليه إلا وهو غير ممنوع الفعل .
وقد استدل جابر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل ، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن . )

في قول الصحابي من السنة كذا ذكر أن في المسألة اختلافا في كونها تفيد الرفع وأن الجمهور على ذلك بل نقل ابن عبدالبر فيه الاتفاق، ثم ذكر دليلا على صحة قول الجمهور ( حين قال له : إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم عرفة .

قال ابن شهاب : فقلت لسالم : أفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال : وهل يعنون بذلك إلا سنته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ؟!

فنقل سالم وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنة ؛ لا يريدون بذلك إلا سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) . )

رجح ابن حجر أن من أنواع المرفوع ( أن يحكم الصحابي على فعل من الأفعال بأنه طاعة لله تعالى أو لرسوله (صلى الله عليه وسلم) ، أو معصية ؛ كقول عمار : من صام اليوم الذي يشك فيه ؛ فقد عصى أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم) .

فلهذا حكم الرفع أيضا ؛ لأن الظاهر أن ذلك مما تلقاه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) .)
ذكر أن ما ينتهي إلى التابعي يسمى مقطوعا فهو من مباحث المتن وذكر أن المنقطع من مباحث الإسناد ثم نبه قائلا (وقد أطلق بعضهم هذا في موضع هذا ، وبالعكس ؛ تجوزا عن الاصطلاح . ) 
ثم ذكر مصطلح المُسند وأنه مرفوع صحابي بسند ظاهر الاتصال، فيخرج منه ما ظاهره الانقطاع ويدخل فيه ما فيه الاحتمال، قال ( ويفهم من التقييد بالظهور أن الانقطاع الخفي كعنعنة المدلس والمعاصر الذي لم يثبت لقيه ؛ لا يخرج عن الحديث عن كونه مسندا ؛ لإطباق الأئمة الذين خرجوا المسانيد على ذلك . )
وهل يُطلق المسند على الموقوف المتصل؟ قال ابن حجر( وأما الخطيب فقال : المسند : المتصل .
فعلى هذا : الموقوف إذا جاء بسند متصل يسمى عنده مسندا ، لكن قال : إن ذلك قد يأتي ، لكن بقلة)
 .
= يتبع إن شاء الله.
Share

اترك تعليقاً